عرب ترند- أثارت رسالة “جارحة” أرسلتها سيدة ليبية لمعلمة ابنها استغراب واستياء النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي في ليبيا. حيث اعتبرت والدة الطالب أن المعلمة نعيمة القاضي، التي منعت ابنها من الغش خلال الامتحانات ارتكبت فعلاً سيئاً وكسرت بخاطر ابنها لذلك حرمت من الخلفة والأولاد.
“ربي حرمك من الصغار لقلة فعلك الخير”
وشاركت المعلمة الليبية، نعيمة القاضي، نص الرسالة التي تلقتها من والدة أحد طلابها على حسابها بموقع فيسبوك، إذ تقول والدة الطالب في رسالتها: “تعرفي أنت علاش ربي حرمك من الصغار على قلة فعلك للخير”.
وأضافت: “والولد تعشم فيك قتله ابلة نعيمة صاحبتي ومدلله عليها، كسرتي بخاطره، اخدمي كانت بتخدمي على أخرتك، مهناش ولد صالح يدعيلك، اخدمي عليها بروحك”.
رد المعلمة على رسالة الأم
وعلقت المعلمة نعيمة القاضي على رسالة والدة الطالب التي تحفظت عن ذكر هويتها بالقول: “طلع الغش وحل أسئلة الامتحان فعل خير، الواحد ما عاد عرف شن يدير، الحمد والشكر لله، ربي ماطعمنيش الصغار رزقني بصغار خوتي وخواتي اللي نطلبه نلقاه والطلبة والطالبات اللي مقريتهم كلهم بناتي وأولادي”.
تعاطف كبير مع المعلمة
وأثارت رسالة والدة الطالب “الجارحة” استياء وغضب الليبيين عبر منصات التواصل الاجتماعي، وسط تنديدات واسعة بالتساهل مع ظاهرة الغش في الامتحانات وتشجيع بعض الأولياء أبناءهم على هذه الظاهرة.
وقال الكاتب والحقوقي، مروان الطشاني، تعليقاً على ما حدث مع المعلمة نعيمة القاضي، في منشور على “فيسبوك”، إن “المفاهيم في ليبيا أصبحت “مقلوبة”، موضحاً بالقول: “أصبح الفساد شطارة ونهب المال العام ثقافة والغياب عن العمل عادة والغش خدمة ومساعدة، إلى أين نذهب بكل هذه القيم المختلة”.
وكتب الناشط عبد اللطيف، ابن عم المعلمة، مندّداً بما فعلته والدة الطالب ومشيداً بالقاضي: “نعيمة القاضي هذه الأستاذة فخر للتعليم ولليبيا عامة، بمثلها نبني جيل يبني ليبيا بالعلم والإخلاص. لا بالغش والتحايل.. شكراً لها… وافتخر بها …شرف لي لانها ابنة عمي، نسأل الله ان يحفظها ويحميها”.
ومع تدشين هاشتاغ #كلنا_الابله_الفاضله_نعيمه_القاضي، قال منذر الهارم: “بارك الله فيها وفي أمثالها ولها مني دورة مجانية مع شهادة من بريطانيا في تطوير المعلمين وهي لا تحتاج لها فمن هولاء نتعلم ومثلها قليل تحياتي لها وتقديري الكبير كمعلم ومدرب في تدريب وتطوير المعلمين وأرجو لها التوفيق”.
وكتب ناصر زميط، أيضاً مسانداً المربية نعيمة القاضي: “بارك الله فيها و في امثالها على ما يقومون به حفاظا على الأمانة التي مرجعها مخافة الله …و ربي يهدي الغافلين و يرجعهم إلى رشدهم من أمثال صاحبة التعليق”.
وخلال الفترة القليلة الماضية، التي تعيش فيها على وقع امتحانات شهادتَي إتمام مرحلتَي التّعليم الأساسي والثانوي، أعلنت السلطات التربوية الليبية، عن حرمان عديد من التلامِيذ من الاِمتحانات، وحرمان آخرين من اِستكمال الاِمتحانات بعد تكراره للعملية الغش، فضلاً عن إيقاف عَدد من الملاحظين، وإيقاف رؤساء لجان امتحانات، وإحالتهم إلى التَّحقيق.
وحسب مدير المركز الوطني للامتحانات، السيد أحمد، فإن في عام 2023 تم تسجيل أقل عَدد من حالات الغش الإلكتروني، إذ تم ضبط 18 حالة في مجمل أيام الامتحانات، وهذا الرقم كان يُضبط في اليوم الواحد خِلال السنوات السابقة.
ومنذ يوم 6 يونيو الجاري، انطلق أكثر من 123 ألف طالب وطالبة في كامل التراب الليبي، في اجتياز الامتحانات النهائية لشهادة إتمام مرحلة التعليم الثانوي بأقسامها العلمي، والأدبي، والديني.
مفتي ليبيا على الخط
وفي تصريحات سابقة، قال مفتي ليبيا الشيخ، الصادق الغرياني، “إن التعليم بمختلف مستوياته هو الركيزة الأساس في قيام الدول، ومواكبتها ركب الحضارة والنهوض بمستواها، والرفع من مستوى الإنسان في مختلف ميادين الحياة”.
وشدد الغرياني على أنه “ما من دولة حقّقت إنجازات ونجاحًا باهرًا إلا وكان السر في هذا إعطاءهم التعليم حقه ومستحقه”، لافتًا إلى أن “ظاهرة الغش كارثة حلت بالمسلمين وأفسدت واقعهم ومستقبلهم، حيث نال كثير من الناس بالغش ألقابًا وشهاداتٍ لا يستحقونها”.
كما أشار إلى أن “كل ذلك انعكس سلبًا على أداء المسيرة العملية؛ لعدم أهلية هؤلاء، وذلك لأن الأمم لا تتقدم إلا بالعلم وبالشباب المتعلم”،مؤكدا أن “ظاهرة الغشّ تحتاج وقفة من كل مسلم غيور، الجهات المسؤولة، والمعلمين، والمراقبين في الامتحانات، وأولياء الأمور، كما جاء في الأثر”.