عرب ترند- أحدث إيقاف مدرس أميركي في العاصمة طرابلس، بتهمة “التبشير” بالدين المسيحي، جدلاً واسعاً في الشارع الليبي، إذ تباينت ردود الفعل بين داعٍ إلى حرية المعتقد، ومدافع عن حملة جهاز الأمن الداخلي، التي تعمل على ملاحقة جميع “المرتدّين عن الدين الحنيف”.
وأعلن جهاز الأمن الداخلي الليبي، القبضَ على أميركيّ الجنسية بتهمة ممارسة أنشطة “التبشير المسيحي”، حيث يعمل وزوجته على “استقطاب أبناء شعبنا المسلم بإغوائهم ببعض المزايا، والوعود الواهية للوصول لمبتغاهم، وهو إفساد عماد المجتمع الليبي، والتشكيك في عقيدته”.
“مزايا وهدايا مقابل التنصير”
ونشر جهاز الأمن الداخلي، فيديو يُظهر اعترافات المدرس الأميركي بالاتصال ببعض الليبيين لتنصيرهم، وإغوائهم بالمزايا والهدايا بهدف تنصيرهم، متّهماً إياه بممارسة أنشطة التنصير من خلال مركز لتدريس اللغة الإنكليزية يحمل اسم “غايت واي”، الذي يديره برفقة زوجته في العاصمة طرابلس منذ عام 2017، وهو مركز تابع لمنظمة تنصيرية تدعى “جمعيات الله”.
وقال المواطن الأمريكي، إنه كان يقابل بعض الليبيين لتنصيرهم من خلال إغوائهم بالمزايا والهدايا، وتشجيعهم على اعتناق الديانة المسيحية، مؤكّداً: “كنُا نصلي معًا ونقرأ الكتاب المقدس مع بعضنا”.
وقال “المنصّر الأمريكي”، وفق ما وصفه الأمن الداخلي في ليبيا، إنه ناقش مع صديقه في الكنيسة، كيف أنّ الشعب الليبي يحتاج إلى معرفة قصة المسيح، لذلك عمل على الترويج له من خلال تقديم نسخة من الإنجيل لأصدقائه الليبيين وعائلتهم، لافتاً إلى أنهم أحضروا عدة نسخ مختلفة من الإنجيل حتى يتمكن الناس من قراءته حسب وضعهم.
وبيّن الأمريكي، أنه أعطى أحدهم نسخة غير مرئية، “لكن إذا وضع عليها ضوء خاص يمكنه قراءته بسهولة؛ لأنه في بعض الأحيان كان لا يريد بعضهم أن ترى عائلتهم أنهم يقرأون الإنجيل، فوفّرنا لهم هذه الطريقة الخاصة”.
وأشار “المنصر الأمريكي” إلى أنه لمدة 7 سنوات كان مع صديق ليبي يصليان معاً، خاصة وأنّ لغته الإنجليزية كانت جيدة بأن يعمل لديه لأنه كان بحاجة لوظيفة ويمكنه التحدّث معه بسهولة، ومع أشخاص آخرين، حيث قدّم له 12 ألف دينار، لأنه كان بحاجة إلى سيارة، وكان من السهل عليه مساعدته في شراء قطعة أرض قبل سنوات وقبل ارتفاع أسعارها في طرابلس، حسب قوله.
رود فعل الليبيين
وعقب إحالة “المنصر الأمريكي” إلى النيابة العامة، تباينت ردود فعل الليبيين حول الحادثة، خاصة وأنّ اعترافات الأمريكي تزامنت مع اعترافات لفتاة ليبية تبلغ من العمر 22 عاماً، تمّ ضبطها بسبب ارتدادها عن الإسلام واعتناق المسيحية والانضمام لمجموعة من الليبيين والأجانب تدعو إلى الديانة المسيحية في ليبيا.
وتعليقاً على حادثة الأمريكي، قال رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، أحمد عبد الحكيم حمزة، إنّ “ليبيا دولة مسلمة بطبيعة الحال، وتُنظّمها قوانين وتشريعات، فلا يحقّ لأيّ دولةٍ كانت أن تُحاول المساس بدين المجتمع وعقيدته”.
وشدّد في منشور على “فيسبوك” على أنّ “مَن حلّ ضيفاً على ليبيا، وجب عليه الامتثال لقوانينها واحترام شعبها، وإنْ لم يفعل، فعليه الخروج منها، أو يتحمل المسؤولية القانونية لأفعاله التي تُجرّمها التشريعات والقوانين الوطنية النافذة”.
كما دعت ناشطة ليبية إلى تطبيق حكم الإعدام ضده وضد أيّ مرتدّ أمام الناس، حتى يكون “عبرةً لكل مَن يفكّر في الارتداد عن الدين الإسلامي”، فضلاً عن محاربة الصفحات التي تدعو إلى الردة وحجب المواقع والتطبيقات التي تتبعهم، وفق تعليق لها على فيديو اعترافات الأمريكي على “يوتيوب”.
وأثنى الفارس الترهوني على مجهودات الأمن الداخلي، داعياً في منشور له إلى ضرورة “الاستمرار في هذا العمل المهم والضرب بيد من حديد على هذه الأفكار الهدّامة والتوجهات الخطيرة التي تستهدف قلب الأمن القومي الليبي”.
في المقابل، يرى الليبي مصطفى قدورة، ضرورةَ قيام أساتذة الجامعات من كليات الشريعة والقانون وأئمة المساجد الأذكياء والدعاة، عقب تزايد عدد المرتدين، بمناظرة المرتدين وإقناعهم بصحيح الإسلام لأنه “إذا استمرر الدور مقتصراً على الجهات الأمنية في رصد والتحقيق مع هؤلاء المرتدين، فإن الظاهرة الخروج عن الإسلام سوف تزيد للأسف”، وفق منشوره له على “فيسبوك”.
الناشط محمد بن إسماعيل، لفت في منشور على “فيسبوك” إلى عدم وجود أيّ نص قانوني ينصّ على عقوبة “التبشير أو التنصير”، قائلاً: “أي شخص يتم القبض عليه بهذه التهمة أقصى شي ممكن يديروهوله هو ترحيل والحرمان من دخول البلد من جديد”.
كما أكد أنّ الأمريكي وزوجته “ممكن يستمر حبسهم في حالة تم اتهامه بأنه جاسوس يتخابر مع دول أجنبية، لكن النائب العام بعد التحقيق على الأغلب سيطلق سراحهم ويترحلوا لبلدانهم”، مؤكّداً أنّ تهمة الردة في قانون عام 2016 للمؤتمر الوطني يعاقب المرتد بالقتل إذا لم يستثب.
صمت السلطات الليبية
ورغم الجدل القائم بشأن إيقاف “المنصر الأمريكي” على منصات التواصل الاجتماعي، لا تزال السلطات الليبية، بما فيها حكومة الوحدة الوطنية ودار الإفتاء، تلزم الصمت حيال الواقعة، لكنّ مصدراً حكومياً مقرّباً من وزارة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية، أفاد بتدخل موظفين رفيعي المستوى بالوزارة في القضية وطالبوا الجهاز الأمني بوقف إجراء إحالة المدرس الأميركي على النيابة العامة.
وأكد المصدر في تصريحات صحفية، “وجود تكتم شديد يحيط بوضع المدرس الأميركي، وسط عناية كبيرة من وزارة الخارجية بطرابلس بالقضية، قائلا: “حتى الآن لا يُعرف وضعه، إلا أن المؤكد أنه لم يُعرض للتحقيق أمام أي جهة رسمية”.
كما لفت إلى أن السلطات أحالت ملفاً يحمل عنوان “شبكة تنصير” على النيابة العامة للبدء بالتحقيق فيها، “لكن دون إرفاق أي شيء يتعلق بالمدرس الأميركي”، وذلك وسط تشديد بشأن عدم إدلاء أي مسؤول حكومي بأي تصريحات في القضية.
تعليق الخارجية الأمريكية
مع صمت السلطات الليبية على الواقعة، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، إنهم على علم بتقارير عن احتجاز مواطن أميركي في طرابلس، وإنهم يعملون على تقديم المساعدة المناسبة.
وأوضح المتحدث في تصريح لـ”ليبيا الأحرار” أن سلامة المواطنين الأميركيين تُعدّ أولوية كبرى بالنسبة إليهم، لافتاً إلى أن ليبيا تأتي ضمن مستويات الدول التي ترشد الولايات المتحدة الأميركية مواطنيها بعدم السفر إليها بـ”سبب الجريمة فيها”.