عرب ترند- أثارت صورٌ متداوَلة عبر منصات التواصل الاجتماعي لعدد من كراسي “سينما برنيتشي” المعروضة للبيع في إحدى الأسواق الشعبية في بنغازي، استياءَ وغضبَ الشارع الليبي.
وتصدّر قرار هدم “سينما برنيتشي”، التي تعدّ أحد معالم بنغازي الثقافية، وجزءاً من تاريخ المدينة الشرقية، المُشيّدة قبل قرابة قرن من الزمان خلال فترة الاحتلال الإيطالي للبلاد، بتصميم من المعماريين الإيطاليين مارشيلو بياتشنتيني لويجي بيشيناتو، حديث نشطاء السوشيال ميديا في ليبيا.
هدم مقر “سينما برنيتشي”
وقبل أسبوع تقريبًا تعرّض مبنى “سينما برنيتشي” التاريخيّ إلى الهدم بعد الضرر والإهمال السابق. وذلك في إطار ما اعتُبر إعادة الإعمار في مدينة بنغازي الواقعة تحت سيطرة المشير خليفة حفتر، المعروف بالقائد العام لما يعرف بـ”القيادة العامة”، وسْط مطالبات من كتّاب وفنانين ليبيين وخبراء الآثار في المدينة بضرورة الحفاظ على المعلم الأثري، لكونه “يشكّل جزءاً من بنغازي، ويعدّ إرثاً للأجيال”.
وما بين العامين 1927 و1932، عملت سلطات الاحتلال الإيطالي على إزالة بقايا قلعة عثمانية كانت تُطِلّ على الحديقة العمومية في بنغازي، وشيّدت مكانها مسرحاً وُصف بأنه “تحفة معمارية”.
ويروي مؤرخون ليبيون، أنّ خشبة مسرح “برنيتشي” شهدت عروضاً موسيقية إيطالية عديدة، قبل أن يتمّ تدمير جانب منه عقب اندلاع الحرب العالمية الثانية، ويتمّ تحويله فيما بعدُ داراً للسينما عُرفت باسم “سينما برنيق”، أقيم على مسرحها حفلات لكبار المطربين العرب، من بينهم كوكب الشرق أم كلثوم عام 1969، من منتصف الخمسينيات حتى أواخر ثمانينيات القرن الماضي.
غضب الشارع الليبي من هدم مبنى “سينما برنيتشي”
حادثة هدم المبنى التاريخي ووضع كراسيه للبيع في إحدى الأسواق الشعبية في بنغازي، أثار استياء الليبيين، الذين اعتبروا هدم المعلم طمساً لتاريخ بنغازي وهويتها الثقافية.
وفي هذا السياق، قالت الكاتبة والشاعرة الليبية، رحاب شنيب، مستشارة بمكتب الإعلام والثقافة، إن “سينما برنيتشي في بنغازي هي أحد أهم المعالم، وتمثّل جزءًا من تاريخ المدينة الثقافي، وتدميرها يعدّ طمسًا للهوية البنغازية”.
وأضافت في تصريح لمنصة “فواصل”: “نتمنى لو كانت هناك خطط إعادة الإعمار بالمدينة تتضمن الترميم وليس الهدم الذي وقع دون دراسة، وكان على اللجنة المكلّفة بهذا العمل التعاون مع علماء الآثار وليس بشكل عشوائي بعقلية الآلة والهدم”.
ودعت إلى عقد جلسة بين خبراء الآثار بالمدينة والمهندسين المشرفين على هذه الأعمال بالمدينة القديمة، لإيقاف أيّ عمل يتمّ من خلاله هدم أو طمس أو تشويه أي معلم تاريخي دون دراسة.
بدوره، شدّد الفنان الليبي علاء الأوجلي، على أنّ هدم مقرّ سينما “برنيتشي” في مدينة بنغازي، موضوع محزن لأنه يطال تاريخ المدينة وهويتها الثقافية، حيث إنه موجود في المدينة منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وحافظت المدينة على مكوناته بوصفه معلمًا تاريخيًّا حتى خلال الحروب والمعارك.
وقال الأوجلي، في تصريح صحفي: “خسرنا هذا الصرح الثقافي الكبير الذي يضمّ عدة مقرات تاريخية، منها مسرح ومعرض رسم وعدة قاعات ثقافية مختلفة”، مشيراً إلى أنه لا يقف ضدّ إعادة إعمار بنغازي أو صيانة مقرّاتها؛ بل نرفض المساس بممتلكاتها التراثية والتاريخية التي تحتاج إلى ترميم وليس إلى هدم وتفريط.
ولفت إلى أنه كان يأمل في أن تستكمل صيانة هذا المقر ليكونَ قاعة ثقافية وغنائية ببنغازي، مذكّراً أنّ “برنيتشي صرح عظيم احتضن حفلات فنية لكبار الفنانين العرب، منهم أم كلثوم وعبدالحليم ووردة، وعروضًا مسرحية كبرى منها عروض للفنان السوري دريد لحام وغيره”.
ووصفت نادية يوسف الهدم بالواقعة “الحزينة”، وقالت في منشور لها على “فيسبوك: “كل المباني التاريخية في بنغازي يتم هدمها، و هذا طمس ومحي لهوية المدينة، ليبيا وقعت على اتفاقية وارسو، و تنص الاتفاقية على إعادة بناء و تجديد المباني التاريخية المتضررة نتيجة الحروب و النزاعات أو نتيجة الكوارث الطبيعية في أي بلد وقع على الاتفاقية”.
وتابعت: “ليبيا وقعت على هذه الاتفاقية، و المباني التي بنيت في عهد الاحتلال العثماني أو في عهد الإيطالي موجودة في الأرشيف التركي و الإيطالي، أين وزارة الخارجية من هذه الاتفاقية؟!”.
وعلّق حسام الشريف على هدم المعلم الثقافي، بالقول: “مفيش حد يطلع يحكيلنا عن خطة إعادة إعمار البلاد كيف حتكون ؟هذه الأماكن ليست مجرد جدران ، هذا تاريخ مدينة وإرث أجيال”.
وعبّر أحمد أوربي عن استيائه من هدم المبنى الثقافي بالقول: “كراسي سينما ” برنيتشي تباع في الشارع بنغازي”، مشيرا إلى عراقة وتاريخ المبنى الذي وقع هدمه.