عرب ترند- أشعلت دموع بائع متجول، اختصّ في بيع أكواب صغيرة من “التيراميسو”، غضب التونسيين عبر منصات التواصل الاجتماعي، وكسب تعاطف الشارع، الذي أدان ما تعرّض له من قبل السلطات.
وظهر الشاب محمد أمين، الذي لا يتجاوز عمره 22 عاماً، في مقطع فيديو مؤثر نُشر عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث اشتكى من الظلم الذي تعرّض له من قبل عناصر أمنية، قامت بحجز بضاعته ومنعه من العمل.
البائع يروي باكياً قصته مع السلطات
تحدث الشاب محمد أمين، الذي دأب على بيع الحلوى، التي تصنعها أمه في البيت في شوارع العاصمة، حيث يعدّ هذا العمل مصدر رزقه الوحيد، وهو يبكي بحرقة شديدة، عن قيام السلطات بمنعه من العمل ومصادرة بضاعته، بحجة عدم امتلاكه ترخيصاً للعمل.
وقال إنه لم يجد تفسيراً لما أقدمت عليه السلطات ضده من مصادرة عربته ومنعه من مواصلة عمله، مشيراً وهو غارق في الدموع، إلى أنه أصبح عاطلاً عن العمل، ولم يعد بإمكانه تأمين قوت يومه.
وعبّر عن حرقته بعد منعه من العمل: “هاني قاعد بطال، تفكلي في السلعة، علاه تفكلي فيها؟ والله حرت أقسم بالله، كل يوم تتفكلي السلعة، اللي نصور فيه يمشي عند الحاكم وإلا نشري به السلعة”.
وتابع: “بالرسمي ماعادش نجم، تعبت، تهبط في سونتر فيل يقولك ماتبيعليش هنا وسط البلاد، نمشي للأسواق يفكولي سلعتي، والله أنا تذليت على الآخر..”.
ووفق حديث محمد أمين، فإن العناصر الأمنية عمدت إلى حجز بضاعته (عربة تحمل عدداً من أكواب صغيرة تحتوي على التيراميسو)، وإجراء محاضر أمنية له في أكثر من مركز أمني، فضلاً عن إهانته ومسِّه بعبارات جارحة، وهو الأمر الذي جعل الشاب التونسي يشعر بالقهر وينفجر بالبكاء في مقطع الفيديو المتداول.
دموع البائع تشعل غضب الشارع التونسي
بكاء البائع المتجول، الذي بات معروفاً في بعض شوارع العاصمة، خلّفت ردود أفعال غاضبة في الشارع التونسي، حيث عبّر كثيرون عن إدانتهم لما تعرّض له الشاب الذي عمل بمفرده على خلق موطن شغل له يسترزق منه وعائلته.
فكتبت استبرق بشيري، التي دأبت على شراء التيراميسو من محمد أمين، في تدوينة عبر حسابها بموقع “فيسبوك”: “اتركوه يشتغل، هذا الشاب عندما أراه أحمد الله كثيرا لأن مازال هناك شباب يقدم على أي عمل، اشتري منه الحلوى رغم أني لا أتناول الحلويات لكن اشتريها من أجله لأنه إنسان يمنحك طاقة إيجابية وأمل كبير في وقت كرهنا فيه كل شيء”.
وتابعت: “فاش اذنب مسكين يمشي على سويقاتو لا نصب قدام حانوت لا قلق عباد لا قال اشريو بالسيف لا يعيط لا يبرح يمشي يبدا و الي يوقفوا ياقفلو”، وهاجمت رجال الأمن الذين حجزوا بضاعته، قائلةً: “الطفل هذا يتباس من جبينو ويتكرم مش اطيحولو قدرو و تسلبوه الطفل هذا اشرف مالراجل فيكم خاطر فلوسو عارق عليهم مش يتلهمڨ كيفكم و يمد في يدو اخيت عليكم ما اذلكم”.
ولفتت راقية بن خليل، إلى أنه “وراء طبق التيراميسو لي تفك لأمين فما فكرة وحلمة كبيرة خرجت من دار صغيرة في باب سويقة، فما أمل وفما عزيمة.. نتصور ظلم كبيرة وغلطة أكبر كان تمنع شباب اختار انو يخدم ويتعب على ساقيه في عوض إنو يحرق (كيما كانت النية)”.
وأوضحت في ردّها على الذين يبررون ممارسة السلطات مع البائع لعدم امتلاكه رخصة بائع: “أمين عارف لي لازمو رخصة للبيع في الشارع ومتفهم المنع متاع الحاكم اما أيضا امين والناس مش متفهمين ممارسات الظلم والاعتداء والضرب و فكان السلعة وتخليه يبكي بالشهقة .. امين طالب التفهم حتى هو الي ان تصلح وضعيته ويلقى حل. كل المطلوب هو الاحتضان والتشجيع مش انك تخليه ينقم ويحس بالغلط خاطر حب يخدم في بلاده”.
نسرين حشانة، دعت السلطات إلى تسوية وضعية شاب “التيراميسو”، عبر إرجاع بضاعته وتسهيل حصوله على ترخيص بيع في الشارع، قائلة في تدوينة: “عاونوا الشباب الي مازال عندهم شغف بحلمتهم في بلادهم علاش هكة تصاور الطفل و الفيديوهات متاعو و هو يبكي بالشهقة على سلعته كي تفكت توجع القلب أكثر مما هو موجوع”.
أكد كريم بوريان، أن “الشاب بائع التيراميسو المتجول في بلدان أخرى ترعى الشباب والمبادرة الحرة يعتبر رائد أعمال ويلقى كل التشجيع والدعم من الدولة ومن المجتمع وهكذا كانت بدايات عديد الماركات العالمية مثل دجاج كنتاكي في الولايات المتحدة الامريكية الذي بدأ بتوزيع الدجاج المقلي على البيوت”.
وأضاف في منشور على “فيسبوك”: “إلى متى هذه النظرة الدونية لعامة ابناء الشعب وهذه العقلية المتخلفة المليئة بالاحتقار والتسلط على المستضعفين الذين يسعون إلى الاسترزاق بالحلال الطيب من عرق جبينهم؟ لماذا لا يتم اسنادهم رخص باعة متجولين مثل الذين نراهم في نيويورك ولندن واسطنبول ودبي؟لماذا لا تحفظ الدولة كرامة هؤلاء المجتهدين في العمل بالكسب المشروع بتقنين عملهم دون تعقيدات واجراءات وخزعبلات بيروقراطية قروسطية؟”.
ومع التنديد الشعبي والاستنكار الكبير لما قامت به السلطات ضد الشاب، الذي فضّل العمل في إطار مشروع عائلي صغير عوضاً عن الهجرة غير النظامية، التي أصبحت الحلّ الوحيد لدى مئات الشباب في تونس، حاول التونسيون دعم بائع “التيراميسو”، عبر الدعوة لمساندته والتعبير عن تضامنهم معه وتشجيعه على مواصلة العمل.
وفي حركة رمزية، قام التونسيون بالهجوم على حسابه على موقع تبادل الصور الشهير “إنستغرام”، الذي يروج من خلاله إلى عمله، بالإعجاب والمتابعة، حيث وصل عدد متابعيه إلى 61.9 ألف متابع بعد أن كان لا يتجاوز 13 ألف متابع.
Voir cette publication sur Instagram
الجدير بالذكر، أن الشوارع التونسية، خلال السنوات الأخيرة، شهدت انتشاراً لما يعرف بأكلات الشوارع La street Food، والتي نجح فيها عدد من الشبان رغم العراقيل القانونية.
وسبق أن قامت السلطات التونسية بذات الأمر مع شاب عرف ببيع “السندويشات” في شارع معروف بالعاصمة واعتقلته وحجزت معداته وبضاعته، لكن بفضل المساندة الشعبية وقع إطلاق سراحه وتسوية وضعيته القانونية.