عرب ترند- قررت السلطات التونسية ترحيل الأمينة العامة لاتّحاد النقابات الأوربية، آستر لينش، ومغادرة التراب التونسي، خلال 24 ساعة؛ حيث اعتبرتها الرئاسة التونسية “شخصاً غير مرغوب فيه”، بعد مشاركتها في وقفة احتجاجية نظّمها الاتحاد العام التونسي للشغل.
وقالت رئاسة الجمهورية، في بيان نشرته على صفحتها الرسمية على موقع “فيسبوك”: إنه “بأمر من رئيس الجمهورية قيس سعيّد، دعت السلطات التونسية المختصة المدعوة Esther LYNCH التي شاركت اليوم السبت 18 فيفري 2023 بمدينة صفاقس في مسيرة نظمها الاتحاد العام التونسي للشغل وأدلت بتصريحات فيها تدخل سافر في الشأن الداخلي التونسي، إلى مغادرة تونس وذلك في أجل لا يتجاوز 24 ساعة من تاريخ إعلامها بأنها شخص غير مرغوب فيه”.
وشددت الرئاسة التونسية، على أنه “لا مجال للسماح لأي جهة كانت من الخارج للاعتداء على سيادة الدولة وسيادة شعبها”، وفق نص البيان الذي اطّلعت عليه “عرب ترند”.
تصريحات إيستر لينش التي عجّلت بطردها من تونس
وشهدت مدينة صفاقس، السبت، تجمّعاً عمالياً كبيراً بإشراف الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل عثمان الجلولي، للتنديد بعمليات الاعتقال والاعتداءات التي طالت بعض النقابيين، فضلاً عن أزمة النفايات المتواصلة في المدينة، والتي تؤكد المنظمة الشغيلة قيام حكومة نجلاء بودن بـ”سياسة الهروب” بشأنها.
ولفت اتحاد الشغل، إلى أن الوقفة الاحتجاجية تأتي أيضاً للتنديد بالارتفاع الجنوني للأسعار وانهيار المقدرة الشرائية للمواطن، والتفويت في المؤسسات العمومية، إلى جانب الدفاع عن الحق النقابي والحريات العامة والفردية وتمسّكاً بتفعيل كل الاتفاقيات القطاعية
وخلال حضورها التجمع النقابي، أكدت الأمينة العامة لكنفدرالية النقابات الأوروبية، إيستر لينش، أن كل نقابي في جميع أنحاء العالم يدعم ويتضامن مع اتحاد الشغل في تحركاته، دفاعاً عن الحقوق النقابية والعمل النقابي المستقل، ودفاعاً عن الحريات العامة والفردية.
وقالت إيستر لينش، في تصريح إعلامي، إن تواجدها في صفاقس يأتي للتعبير عن التضامن والتآزر التام مع الاتحاد العام التونسي للشغل ومع العمال، وبهدف إيصال صوت 45 مليون منسباً للنقابات الأوروبية.
ولفتت إلى أن الطبقة الشغيلة تعاني وتخنق بسبب الأزمة الاقتصادية التي جعلتها غير قادرة على توفير قوتها اليومي، مشيرة إلى أن اتحاد الشغل في تونس يعد الحل وليس المشكل، إذ يمكن الحل وفق قولها، في الجلوس على طاولة التفاوض والحوار.
وأكدت النقابية الأوروبية أن التجربة أثبتت أن كل الحكومات الناجحة هي التي جلست على طاولة المفاوضات والحوار، مشددة على أن النقابات هي الكفيلة بإيجاد الحلول، ومن الخطأ الفادح أن تقع مهاجمة النقابات.
كما أشارت إلى أن المنظمة الشغيلة في تونس هي الصوت الحقيقي والأصيل لعمال وعاملات تونس، مؤكدة أن الكنفدرالية النقابات الأوروبية ستقف إلى جانب اتحاد الشغل لدعمه ومساندته في الدفاع على عماله، وفق تصريحها.
اتحاد الشغل يعتبر ترحيل ضيفته “وصمة عار لا تشرّف تونس”
وفي أول رد فعل للمنظمة الشغيلة على ترحيل ممثلة النقابات الأوروبية، اعتبر المتحدث الرسمي باسم المنظمة، سامي الطاهري، قرار ترحيل لينش “وصمة عار لا تشرف تونس بعد الثورة وستضر بمصالحها”.
وقال الطاهري، في تصريح لإذاعة “موزاييك”، إنّها لينش كانت في جميع الأحوال ستعود غداً إلى أوروبا، مشيراً إلى أن “من نصح الرئيس بهذا القرار، يدفعه إلى صراع مع الحركة النقابية في العالم..”.
وتابع بالقول: “كنّا نتوقّع أن يدعوها الرئيس ويستوضح منها ويوضّح لها ما يدور في البلاد.. هذا لم يتم باعتبار أنّ السلطة التونسية لها ما تُخفيه في البلاد التونسية من قمع وانتهاك للحريات النقابية في تونس”، مذكّراً رئيس البلاد، قيس سعيد، “بأنّ الحركة النقابية متضامنة مع بعضها البعض في كامل أنحاء العالم..”.
كما شدد على أن تصريح الأمينة العامة لاتّحاد النقابات الأوروبية، “ليس تدخّلا في الشأن التونسي”، ولا يندرج إلا في إطار الدفاع عن الحقّ النقابي.
تفاعل النشطاء مع ترحيل النقابية الأوروبية
إضافة إلى تفاعل اتحاد الشغل الفوري مع قرار السلطات التونسية ترحيل النقابية الأوروبية، لقي قرار الرئيس التونسي، قيس سعيد، تفاعلاً واسعاً عبر منصات التواصل الاجتماعي، وتراوحت المواقف بين الرفض والتأييد.
في السياق، اعتبر محمد المناعي قرار ترحيل الأمينة العامة لكنفدرالية النقابات الأوروبية من تونس “اعتداءً آخر على الحق النقابي”.
ولفت في تدوينة على “فيسبوك”، إلى أن “التضامن النقابي الوطني والإقليمي والعالمي عمل شرعي ومشروع في كل الأعراف الدولية وبين مختلف التنظيمات العمالية وخاصة تلك التي تواجه أنظمة لا تحترم الحق النقابي وتنتهك الحقوق والحريات وتعتقل نقابي على خلفية نشاطه”.
وقالت القيادية في حركة النهضة، يمينة الزغلامي، في تدوينة، إن ترحيل النقابية لينش لن يؤدي إلا “لمزيد من الانغلاق والعزلة”.
ولا يرى خير الدين دباية أن ما أتته لينش، “انتهاكا للسيادة، ما دامت ليست ممثلة رسمية لأحد الدول أو ممثلة عن منظمة حكومية”، وأشار في منشور على “فيسبوك”، إلى أن طرد ممثلي المنظمات النقابية والحقوقية، بتهمة انتهاك للسيادة هو مبالغة وحلقة في إطار المواجهة بين الرئاسة والاتحاد”.
كما شدد على أن “حماية السيادة الحقيقي يمر عبر حماية اقتصادها من المديونية والتبعية، وبخدمة شعبها والنهوض بواقعه الاقتصادي والاجتماعي”.
قرار سيادي
من جهة أخرى، يرى بعض التونسيين أن قرار الرئيس قيس سعيد قرار صائب يدخل في إطار حماية السيادة الوطنية، إذ أكد ناشط تونسي في تدوينة عبر “فيسبوك” أن ترحيل النقابية الأوروبية “قرار سياديّ حاملٌ لرسائل عابرة للقارات”.
وساند شكري بن عيسي للقرار الرئاسي، إذ يؤكد أن الأمينة العامة العمالية الأوروبية جاءت إلى تونس “في سياق محتد بين قرطاج وساحة محمد علي، وأصرّت على النزول للتظاهرات العمالية والإدلاء بتصريحات فيها إدانة للرئاسة”.
وقال في منشور:”كان يمكن لها دعم اتحاد الشغل من مقرها وإصدار البيانات والمضامين.. لكن أن تنزل بصفة شخصية في واقع محتد صدامي فهذا ما يفتح الباب لقرطاج لرد الفعل”.
وأضاف أن “هذه السابقة الحقيقة ستصبح مرجعا لمحاسبة كل من يتعامل مع الخارج تدخلا في الشأن الداخلي وحتى مرجعا لمحاسبة الرئاسة إذا لم تتخذ نفس القرار بالنسبة للدبلوماسيين الأجانب الذين يتدخلون في الشأن الوطني”، وفق رأيه.
“تعليق شكري عيسى