عرب ترند- تصدّر حجز الجزائر لعدد من السيارات التونسية و”إهانة” التونسيين على الحدود، حديث النشطاء عبر منصات التواصل الاجتماعي في تونس.
وعبّر العديد من التونسيين عن غضبهم من معاملة الديوانة الجزائرية للتونسيين. فيما فسّر آخرون الأمر بأنه أول ردّ فعل على موافقة السلطات التونسية على ترحيل المعارضة الجزائرية أميرة بوراوي إلى فرنسا.
تضييق الجمارك الجزائرية على التونسيين في الحدود
وحسب شهادات نقلتها وسائل إعلام تونسية، لمواطنين عالقين على المعابر الحدودية، منها معبر “ببوش-عين دراهم”، فإن السلطات الجزائرية منعت 200 سيارة تونسية تحمل بضائع وموادّ غذائية من العبور، واشترطت إفراغ حمولتها بالكامل كي تتمكن من العبور.
وأكد أحد العالقين في المعبر لإذاعة “موزاييك أف أم” الخاصة، أنهم لم يتمكنوا لحدّ الآن من عبور الحدود رغم البرد القارس، وأنهم عانوا من صعوبات ومضايقات حتى داخل المدن الجزائرية من قبل الشرطة، فيما لم تعلّق السلطات الجزائرية على هذه التطورات.
كما أوضح أحد المتدخلين أنهم حاولوا في البداية الدخول من معبر “أم الطبول”، لكن أجهزة الأمن الجزائرية منعتهم، وأشارت إلى وجود أزمة دبلوماسية بين تونس والجزائر على خلفية ملف الناشطة المعارضة أميرة بوراوي.
وفي مداخلة إذاعية، أكد مراسل وكالة الأنباء التونسية، مولدي الزوابي، وجود تضييق على التونسيين بكامل المعابر الحدودية البرية مع الجزائر، حيث أمرت الجمارك الجزائرية جميع السيارات التونسية بإفراغ أيّ حمولة مهما كان نوعها من موادّ غذائية وغيرها قبل العبور للتراب التونسي.
ولفت إلى أن الأمر أحدث بلبلة، وحتى مَن استجاب لأوامر الجمارك الجزائرية وتخلّص من بضائعه ومقتنياته وجد نفسه أمام مأزق عدم التمكّن من المرور، بسبب الاكتظاظ وغلق الطرقات.
وأكد الصحفي التونسي، أن هذه التضييقات تتزامن مع محاكمة مرتقَبة لتونسيين آخرين أمام المحاكم الجزائرية، على خليفة حجز حافلة محمّلة بموادّ غذائية مدعّمة، مشيراً إلى أن القرار الجزائري جديد وجاء وليد اللحظة، معتقداً، وفق شهادات للعالقين، أن القرار مرتبط بالمعارضة الجزائرية أميرة بوراوي واتهام تونس بأنها الوسيط الأول في تمكين السلطات الفرنسية من ترحيل المواطنة الجزائرية.
غضب واستياء تونسي من الجزائر
وأثار تضييق السلطات الجزائرية على التونسيين في الحدود، وعدم تمكينهم من بضائعهم، استياء النشطاء عبر منصات التواصل الاجتماعي، وتصدر “ترند” عبر موقع “فيسبوك”، حيث أكدت سارة عبد المقصود، أنه كان على الجزائر تأمين حدودها، وعلى فرنسا عدم استغلال بلادنا، في إشارة إلى ملف الناشطة الجزائرية.
وقالت في منشور: “نحن نستقبل الإخوة الجزائريين بالورود خاصة في الموسم السياحي..لا للانتقام من مواطنينا ؟”، متابعة: “ومهما كانت ضغوطات الجزائر فإنها في حاجة لنا….حدودها الغربية مع المغرب مغلقة…حدودها الجنوبية الصحراوية تفتح على بلدان الساحل حيث تنامي الإرهاب والمخابرات من كل حدب وصوب…ليس لها من متنفس بري سوى بلادنا عليها إن تعي ذلك جيدا”.
وكتبت الصحفية سهام عمار: “أشعر بالإهانة التي تعرض لها كل تونسي من أخ وهمي وحاقد ومزعوم نبهنا كثيرا من غدره،لكن شكرا للجغرافيا قادرين على رد الإهانة قريبا”، وفق تدوينة لها على “فيسبوك”.
بدورها، علّقت مستشارة الرئيس الراحل، الباجي قائد السبسي، سابقاً، سعيدة قراش، على واقعة منع التونسيين من العبور لبلادهم وهم محملين بسلع جزائرية، بشكل ساخر، وقالت في منشور: “اليوم أبناء الشقيقة الصغرى(تونس) يتمرمدو على الحدود بين الشقيقتين و التي سالت دماؤهم زمن الاستعمار في حوش الشقيقة الصغرى(تونس) في ساقية سيدي يوسف دفاعا على الشقيقة الكبرى(الجزائر)”.
وشددت بالقول: “عيب ما يحدث في حق مواطنين تونسيين على الحدود من إذلال و عدم احترام باش ما نقولش تنكيل بسبب اختلاف في تقدير مواقف”.
وفي ذات السياق، كتب الناشط حلمي الرايس: “الديوانة (الجمارك) في الجزائر جاءتهم تعليمات كي يطلبوا من التونسيين العائدين لتونس أن يفرغوا كل المشتريات الغذائية أو غير الغذائية (ملابس، هدايا، أحذية، وغيرها) كي يستطيعوا العودة إلى تونس. السبب هو الأزمة الدبلوماسية بين البلدين على خلفية هروب المعارضة أميرة بوراوي إلى فرنسا عبر تونس”.
وأضاف: “أولا، المعارضة بوراوي تقدمت إلى الحدود التونسية بجوازها الفرنسي وساعدتها السلطات الفرنسية من أجل العودة إلى باريس. ثانيا، ما دخل المواطنين البسطاء الذين ذهبوا يشترون بأشياء بسيطة كي تنتقموا منهم وتذلوهم بسبب أزمة دبلوماسية بين ثلاث دول. ثالثا، السلطات الجزائرية قبضت على نبيل وغازي القروي وسجنتهما ثم أفرجت عنهما وتركتهما يسافران إلى إسبانيا من دون أن تعير أي اهتمام للجانب التونسي، فلماذا تلوم اليوم تونس على فعل نفس الشيء؟”.
فيما ذهب آخرون إلى الدعوة بضرورة تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل على الجزائريين الذين يزرون تونس بكل حرية ووسط ترحيب كبير دون أي تضييق، بينما ذهب موقف آخرين إلى أبعد من التضييق، وطالب بغلق الحدود.
لكن ألقى تونسيون آخرون باللوم على السلطات التونسية التي سمحت لفرنسا بتهريب الناشطة الجزائرية ووضع التونسيين في موقف إذلال أمام السلطات الجزائرية، حيث أكدوا أن السلطات الجزائرية لم يسبق لها التشديد من إجراءاتها على المعابر والحدود مع تونس بهذا الشكل. وأشاروا إلى أن القرار الجزائري المفاجئ جاء ردَّ فعل أول على تسليم المعارضة الجزائرية لفرنسا دون الرجوع إلى السلطات في الجزائر.
تسليم الناشطة أميرة بوراوي لفرنسا
دخلت أميرة بوراوي إلى تونس عبر معبر “أم الطبول”، لتغادر بعد ذلك إلى فرنسا عبر مطار قرطاج بمساعدة السفارة الفرنسية، وهو ما أثار غضب الجانب الجزائري.
وألقت قوات الأمن التونسية في البداية القبض على بوراوي التي تواجه حكماً بالسَّجن لعامين في الجزائر، بسبب تهم تتعلق بازدراء الإسلام أو معارضة النظام الجزائري الحالي، وسط توقعات بترحيلها للجزائر، لتفاجأ السلطات الجزائرية بسفرها إلى باريس.
وأكدت بوراوي في تصريح “لقناة تي في 5” الفرنسية، أن السلطات التونسية سمحت لها بالسفر تحت حراسة أمنية بعد التنسيق مع الجانب الفرنسي، فيما أكدت صحيفة “لومند” الفرنسية، أن الرئيس التونسي قيس سعيد سمح شخصياً بخروج بوراوي عبر مطار قرطاج.
في السياق، قال الصحفي التونسي، زياد الهاني، إن السلطات التونسية ألقت القبض على بوراوي في المطار بعد اتهامها باجتياز الحدود خلسة، بمساعدة ضباط من المخابرات الفرنسية (وفق جريدة لوموند)، لكن عوض أن تحال إلى القضاء من أجل محاكمتها، تم أخذها للسفارة الفرنسية في تونس، وبقيت فيها أربع ساعات، وكانت حينها المفاوضات جارية بين السلطات التونسية والفرنسية، قبل أن تعود إلى المطار وتسافر إلى فرنسا.
وأضاف: “أعتقد أن ما قالته لوموند حول موافقة الرئيس قيس سعيد على سفر بوراوي صحيح، فمن المستحيل أن تغادر تونس دون موافقة شخصية من سعيد، الذي كان لديه خياران، وهو اختار الشر الأهون، فعندما تضع في الميزان التعاون الاقتصادي بين تونس وكل من فرنسا والجزائر سترجح بالتأكيد كفة فرنسا”.
في المقابل، كشف هشام بدرة، محامي بوراوي، رواية أخرى حول طريقة خروج موكلته من تونس، حيث قال، في تصريح إذاعي، إن بوراوي مثلت يوم الاثنين أمام المحكمة في تونس، أين تم إخلاء سبيلها وتعيين جلسة لها بتاريخ 23 فبراير/شباط الجاري.
ولفت بدرة إلى أنه حال اكتملت الجلسة، تدخّل عنصرا أمن بالزي المدني، واقتادا أميرة بوراوي في سيارة إلى المطار دون تقديم أي توضيحات، وفق قوله. وأكد بالقول: “لحقنا بها إلى المطار فلم نجد لها أي أثر، ولم يتمّ تقديم أي توضيحات لنا على أي أساس تم اقتيادها”.
يشار إلى أنه إلى الآن لا يوجد أي بيان رسمي من كلا البلدين، سواء بشأن تسليم المواطنة الجزائرية أو حجز السيارات التونسية.