عرب ترند- أثارت مساعدات قدمتها جمعية تونسية لأهالي إحدى محافظات الشمال الغربي بتونس، خلال موجة البرد التي تشهدها البلاد خلال هذه الفترة، استياء التونسيين عبر منصات التواصل الاجتماعي.
ووصف النشطاء هذه المساعدات بـ”المهينة والمذلة”، خاصة وأن الجمعية اشترطت على المنتفعين توقيعهم على وثائق يجهلون محتواها.
تفاصيل المساعدات
نشر مولدي الزوابي الصحفي بوكالة تونس أفريقيا للأنباء، منشوراً على حسابه بموقع “فيسبوك”، أكد فيه قيام جمعية مقرها تونس العاصمة، بتوزيع مساعدات على أهالي منطقة “بوسالم” التابعة لمحافظة جندوبة (أقصى الشمال الغربي) بشكل “مؤلم وموجع”.
وقال الزوابي، إن الأهالي عند سماعهم بوجود جمعية تقدم المساعدات، تهافتوا بشكل كبير، ظنّاً منهم بأن “الإعانات” ذات قيمة، مؤكّداً أن شرط الانتفاع بهذه المعونات التوقيع على وثيقة لا يعلم ما خُطّ فيها.
موضحاً في هذا الصدد: “يتقدم الفقير ليمضي على ورقة، أغلبهم لا يعلم ما فيها وإن كان متعلما غير متاح له الإطلاع، يتسلم والصور تتهافت عليه ، كرتونة كان يعتقد أنها مرصّعة بما طاب من الأغذية والأغطية والألبسة”.
ولفت إلى أن حال وصوله وبعد مشقة كبيرة، يكتشف رفقة عائلته أن “الكرتونة” لا تحوي إلا “قنينة زيت لا تتجاوز سعتها أكثر من 20 صنت لتر وعلبة طماطم من سعة نصف كلغ وكيساً من الأرز بسعة كلغ واحد وقليلاً من المكرونة وغطاءً ممزقاً وبعض الألبسة القديمة غير صالحة للاستعمال”.
سخط واستياء كبير عبر منصات التواصل
تفاعل رواد شبكات التواصل الاجتماعي في تونس بشكل واسع مع تدوينة الزوابي، إذ استنكر أغلبهم ما قامت به الجمعية، واعتبروها “مساعدات إذلال وإهانة”.
حنان السعيدي، قالت في تعليق لها: “أكبر عيب في حق الإنسانية هذه أعمال إجرامية”، مشيرة إلى أن مثل هذه الجمعيات تشتغل في أجندات سياسية، حيث يتم المتاجرة بمشاعر الفقراء وإهانتهم عبر توزيع الإعانات بطريقة بشعة.
وعبّرت فتحية المعلمي، عن استيائها من الحالة التي وصلت إليها منطقة بوسالم، الغنية بالثروات الفلاحية، قائلة: “بوسالم بلاد الفلاحة والفلاحين تقبل أن توزع عليها إعانات مهينة”. بينما دعا يوسف الخميري إلى العمل على طرد مثل هذه الجمعيات نهائياً.
ولفتت فتحية السديري، إلى أن هذه المساعدات “إهانة لأهالي الجهة ومتاجرة باحتياج الناس وخصاصتهم، ولا بد من التصدي والمقاطعة الكرامة قبل الخبز”، وفق قولها.
بدورها، عبرت ليلى النموشي، عن استيائها واستغرابها من إذلال الفقراء والمحتاجين، قائلة: “لا استوعب كيف للإنسان إن يتجرأ على أخيه الإنسان ويجعله مكون من مكونات مسرحية قذرة”. وهو رأي ساندتها فيه ناشطة أخرى بقولها: “مؤسف، مخنق، محزن”.
أما الناشطة رانيا، وهي من أبناء منطقة بوسالم، فأكدت كرهها لهذا النوع من الإهانات، مما جعلها “تمقت الثلوج رغم بهجتها بنزولها”.
مصباح السعدي، ألقى باللوم على الذين يقومون بتوثيق هذه الإهانات، إذ كان من الأجدر وفق السعدي، طرد هذه الجمعية والتصدي لتصرفاتها المهينة بدل تصوير الفقراء والمحتاجين. أما سعد الله الخلفاوي، فقد طالب بضرورة فتح تحقيق ضد هذه الجمعية ومحاسبة القائمين عليها، لاستغلالها حاجة الناس وقلة حيلتهم.
وجاءت المساعدات المثيرة للجدل على خلفية موجة البرد التي تشهدها محافظات الشمال الغربي خلال هذه الفترة، إذ تعاني هذه المناطق سنوياً من موجة برد شديدة وتساقط الثلوج بكميات كبيرة، مما يضع سكان هذه المناطق، خاصة في الأرياف، في وضعيات إنسانية كارثية.
حيث يشتكي عدد كبير من المواطنين في الكاف وعين دراهم ومناطق أخرى، من نقائص عدة، منها عدم ارتباطهم بشبكة الغاز الطبيعي، وندرة قوارير الغاز المسيل، وتأخر وصول بعض البواخر المشحونة بالغاز بسبب تساقط الثلوج وسوء الأحوال الجوية.
وعادة ما تستغلّ الجمعيات الخيرية، مثل هذه الظروف واحتياج الفقراء لتقديم مساعدات صورية لهم لتمرير مصالح سياسية، وكسب أصوات هؤلاء في حملاتهم الانتخابية.