عرب ترند: تصدر مهندس تونسي يدعى أحمد الصغيري، منصات التواصل الاجتماعي، بعد أن كسر قيود البطالة ونجح في تحويل دراجته النارية إلى مقهى متجول في أحد مناطق العاصمة التونسية.
جاءت فكرة المقهى المتجول للمهندس التونسي بعد أن خسر رفقة عدد كبير من المهندسين، عمله في شركة صناعة مكونات الطائرات، بسبب تداعيات جائحة كورونا التي اجتاحت العالم عامي 2020/2021.
وعكس عدد كبير من المهندسين الذي توجهوا للدول الأوروبية بحثا عن فرص عمل جديدة وامتيازات أحسن، رفض أحمد الصغيري مغادرة تونس وتمسك بالبقاء وابتكار فكرة مشروع يستطيع بها كسر جمود البطالة وتأمين قوت يومه.
“كوفي بيك”..أول مقهى متجول في تونس
تمكن المهندس التونسي من ابتكار “كوفي بيك”، وهو مشروع مقهى إيكولوجي متجول، حيث يجوب شوارع محافظة بن عروس (جنوب العاصمة تونس) على دراجته الهوائية، ويمكن المواطنين الذين على عجل من احتساء أكواب قهوة ساخنة أو اصطحابها في أكواب كرتونية إلى مقرات عملهم.
يعد “كوفي بيك” أول مقهى متجول في تونس، إذ استوحى أحمد الصغيري فكرة مشروعه من النماذج الأوروبية والأمريكية، وبعض البلدان العربية مثل المغرب والجزائر.
بأنواع القهوة المتعددة، ينطلق صباح المهندس التونسي، حيث يغادر منزله متوجها نحو وسط مدينة المروج أو المعاهد والكليات،أين يتضاعف الاكتظاظ السكاني.
مخاوف في البداية ثم نجاح كبير لـ”كوفي بيك”
في تصريحات إعلامية، أكد أحمد الصغيري، تخوفه في البداية من عدم نجاح فكرة المقهى المتجول، خاصة وأنها فكرة جديدة على الناس، إلى جانب غياب التمويل، حيث فرض عليه غياب التمويل إنجاز مشروعه عبر مراحل، قائلا “استغرقت مني المهمة عاما ونصف في حين أن المسألة لم تكن لتتجاوز الشهر ونصف إذا توفر الموارد المالية”.
وأشار الصغيري إلى أن الناس “في البداية لم تقتنع بهذه الفكرة خاصة وأن التونسيين لا يقصدون المقاهي لشرب القهوة فقط بل من أجل الحديث الذي يدوم أحيانا بالساعات”.
وقال أحمد الصغيري في تصريح لوكالة “سبوتنيك” الروسية، إنه كان “يستقبل يوميا الزبائن الذين تعلوا وجوههم علامات الاستفهام والاستغراب، فكانوا يمطرونه بأسئلة عديدة من قبيل “ماذا يكمن خلف المنضدة؟ وكيف تعمل ماكينة القهوة؟”.
ولفت إلى أن الناس سرعان ما اعتادت على المقهى المتجول، وأصبحت تتوافد عليه من مختلف الأماكن والشرائح لشرب القهوة السريعة، ثم العصائر التي أضافها إلى مقهاه المتجول، بعد أن ذاع صيته على “سوشيال ميديا”.
اعتبر صاحب المقهى المتجول، لذة ما يقدمه من مشروبات (عصائر أو قهوة)، والنظافة وحسن المعاملة،عوامل نجاح “كوفي بيك”، لذلك أصبح الزبائن يقصدونه خصيصا لشرب القهوة.
“كوفي بيك”…مقهى صديق للبيئة
ولعه برياضة العدو وركوب الدرجات الهوائية، جعله يحرص على أن يكون مقهى “كوفي بيك” المتجول صديق للبيئة،إذ اختار دراجة هوائية، مستثمرا خبرته في مجال الهندسة الصناعية في ابتكار هذه الوسيلة.
وفي هذا السياق، أوضح الصغيري، أنه اختار “هذه الوسيلة لأنها صديقة للبيئة ولا تفرز انبعاثات مضرة، رغم أن السيارة أو الدراجة النارية أكثر ربحا على اعتبار أنهما تسمحان بالتنقل إلى أماكن بعيدة وفي وقت وجيز”، وفق قوله.
نجاح مقهى “كوفي بيك” المتجول وإقبال الناس المتزايد عليه وشهرته عبر منصات التواصل الاجتماعي، قادت المهندس التونسي إلى التفكير في تطوير مشروعه عبر فتح فروع للمقهى المتجول في عدة محافظات ومناطق داخلية أخرى خارج العاصمة.
“كوفي بيك”…حديث الرواد
لاقت فكرة المقهى المتجول، استحسانا كبيرا ورواجا واسعا عبر منصات التواصل الاجتماعي، إذ أجمع أغلب الرواد في تونس على جمال فكرة الصغيري المبتكرة.
ألفة اللواتي أشادت في تعليق لها، على لذة القهوة التي يقدمها ودلت الناس على مكان تواجده،قائلة:”قهوتو بنينة ومتربي ونظيف، ربي يعينه ويرزقه…ديما تلقاه قدام المغازة العامة المروج 6″.
كما أكدت ناشطة تدعى “سلينا” روعة فكرة المشروع،خاصة وأنها حل للشاب للخروج من براثن البطالة والخصاصة، فيما تتالت تعليقات الثناء والاشادة بما يقوم به المهندس الذي تحدى الظروف وعجز الدولة على تشغيل كفاءاتها ووجد حلا حتى لا يكون عاطلا عن العمل كعدد كبير من الشباب.
على الشباب الإيمان بقدراته
يرى المهندس التونسي، أن الرضوخ للبطالة وانتظار حلول الحكومة للتشغيل تبلد فكري يجب التخلي عنه والتعويل على الذات والإيمان بالقدرات، إذ يعتبر نجاح “كوفي بيك” دليلا على أن البطالة ليست قدرا محتوما على العاطلين عن العمل وأنه يمكن للفرد أن يصنع مستقبله معتمدا على نفسه.
وأشار صاحب المقهى المتجول إلى أنه كان بالإمكان أن يكون واحدا من مئات الشبان الذين ينتظرون أن تشغلهم الدولة في مجال تخصصهم وبأجر معين،لكنه اختار سلك طريقا مغايرا مع التعويل على ما يملكه من معرفة ومكاسب مهنية رغم ضعف إمكانياته المادية.
يعد حديث الصغيري دعوة للشباب، خاصة من أصحاب الشهائد العليا والذي يقدر عددهم بآلاف بين إناث وذكور إلى التحلي بروح المغامرة وعدم التعويل على الدولة في إيجاد مواطن شغل لهم.
ويشتكى الشباب التونسي، خاصة خريجي المعاهد العليا والجامعات من البطالة، إذ تشير الاحصائيات إلى ارتفاع نسبة بطالة حاملي الشهادات العليا 30.1 في المئة، بينما بلغ عدد العاطلين عن العمل منتصف2022 نحو 613,6 ألف، وقدرت نسبة البطالة 2022 بـ15,3 %، منها 13,2 % في صفوف الرجال و20,4 % من النساء، وفق إحصائيات رسمية اطلعت عليها “عرب ترند”.
على الرغم من ارتفاع نسبة البطالة وانعدام مواطن الشغل، يواجه الشباب الذين يحاولون التعويل على ذواتهم وقدراتهم الخاصة، تعطيلات وعراقيل متنوعة من قبل الدولة، إما على مستوى غياب التمويلات اللازمة أو على مستوى الاجراءات الإدارية.