عرب ترند- أحدث مقطع فيديو من نشرة أخبار التلفزيون الرسمي التونسي، قالت فيه مقدمة النشرة إن الحليب مضرّ بصحة كبار السن ونصحت بضرورة التقليل من استهلاكه، جدلاً واسعاً على المنصات الاجتماعية في تونس.
مقطع “الحليب مضر بالصحة” الذي أثار سخرية وتهكم وغضب النشطاء عبر منصات التواصل الاجتماعي، تحدثت فيه مقدّمة النشرة سامية بن حسين عن مضارّ الحليب لكبار السن، رغم أن البلاد تشهد أزمة حادة في توفير هذه المادة منذ أشهر.
“حليب تلفزيون الرئيس”
مع تعرّض الإعلامية سامية بن حسين لانتقادات لاذعة، رأى كثير من المعلقين أنّ تقرير التلفزيون الرسمي التونسي نموذج يدل على أن التلفزيون أصبح موالياً للرئيس قيس سعيد، يروّج لنظامه منذ إجراءات 25 يوليو 2021.
في هذا السياق، قال نقيب الصحفيين، مهدي الجلاصي، إن “التلفزة التونسية (في رواية أخرى تلفزة 25 جويلية) في تعاملها مع أزمة الحليب ذكرتنا بمسرحية الزعيم، حين اقترح عادل إمام، في مواجهة نقص المواد الغذائية، أن تقوم الحكومة بحملة توعية كبيرة هدفها تحسيس المواطنين بمخاطر الأكل في مشهد ساخر يجسد عجز الحكومات وحلولها المضحكة الأزمات”.
وأضاف الجلاصي في منشور منتقداً: “التلفزة دورها قيادة النقاش العام وتأطيره وفتح ملفات تهم معيشة المواطن مثل فقدان المواد الأساسية والحلول لتجاوز ذلك ومسؤولية كل طرف في هذه الأزمة، أما الشعوذة والتبرير للسلطة ومغالطة الرأي العام فهي من مهام أجهزة البروباغندا مش تلفزة عمومية عام 2023”.
وعلّق الناشط وليد زروق ضاحكاً: “هذي أخرتها…..الحليب مقطوع؟ سرّب إشاعات انو مضر بالصحّة….و دز في أكّدت أبحاث أمريكية…..رب عذر أقبح من ذنب…..الدغف تصدّق و 8.8% من الشعب قالك نضيف…..مالا صطّكلهم كيما تحب”.
بدوره، قال ماهر عباسي، في منشور على “فيسبوك”: “الصحافية متاع القناة الواطية بوق النظام و الي أنا واحد مالناس ما حبيتش نحكي عليها خاطرها في الآخر مواطنة مسكينة تأكل في خبيزة في مؤسسة واطية منذ عقود و تجبرها تهز القفة للنظام كيما كانت طول عمرها تعمل فبحيث انأ سبيت فقط القناة الواطية و ما جبدتش عالصحافية”.
تهكم وسخرية
أثار حديث التلفزيون الرسمي عن مضار الحليب رغم فقدانه منذ أشهر، سخرية وتهكم العديد من التونسيين، إذ قالت الناشطة عفاف العياشي بتهكم: “حليب نصف الدسم مضر بالصحة ياجماعة…حسب نشرة الأخبار اللهم أشهد قد بلّغت”. بينما علقت بسمة غرس الله بالقول: “ورؤوسكم يا توانسة وخاصة يا كلنا نعم مقدمة النشرة الأخبار في الوطنية قالتلكم الحليب عملت عليه بحث ولقيتو مضر بالصحة. هي حبت تقللكم حليب الغبرة الي احب الضب يستوردوا صحي”.
كما علق الناشط رمزي بن محمد، بشكل نقدي ساخر على حديث مقدمة نشرة التلفزيون التونسي عن أضرار الحليب قائلاً: “الحليب نصف الدسم مادة لبنية يؤكد الأطباء والمتخصصون أنها ليست نافعة البتّة للكبار بل أنها مسببة لأمراض عدة”.
وأكد بن محمد، “كان حليب نصف الدسم طلع مضر بالصحة لاخر ماهوش مضر..أصبروا عليها شويا تسمع بسوم الزبدة متاع 200 غرام ب 6000 توا تقوللكم الزبدة تعمل الانزلاق الغضروفي، والبن يعمل الانفصام في الشخصية”.
وقال ناشط آخر متحسّراً على الوضع الذي وصلت إليه البلاد: “حليب 1350 مضر بالصحة وحليب 2400 مفيد للصحة…يا رب هاك تشوف اش صاير في التوانسة وانت ارحم الراحمين”.
هل الحليب مضرّ بالصحة؟
وفي الوقت الذي سخر فيه عدد من التونسيين من تقرير التلفزيون الرسمي، أكد نشطاء آخرون صحة المعلومات التي وردت في تقرير مقدمة النشرة، إذ قالت سرورة الحرة إن توقيت بثّ التقرير قد يكون غير ملائم، وقد يعتبر خدمة لأجندة حكومية، نظراً لوجود أزمة في تزويد السوق بالحليب المعلب، وانشغال التونسيين بالحصول على الأساسيات دون الاهتمام بمنافع ومضار المنتج المطلوب.
وأكدت الناشطة التونسية أنّ ما ورد في تقرير التلفزيون الرسمي المثير للجدل، “خبر معلوم من عشرات السنيين وهناك أبحاث موثقة في العالم تحدثت عن ضرورة تقليل تناول الحليب نصف الدسم”.
وقالت، إن الحليب مضر بالصحة وخالٍ من الكالسيوم، نظراً لأن الأبقار المنتجة يقع مداواتها بكميات هائلة من الأدوية والهرمونات وغذاؤها غير طبيعي، مشيرة إلى أن الحليب المذكور يسبّب العديد من الأمراض منها السرطان.
من جانبها، أكدت الناشطة وفاء بالحاج عمر صحة معلومات مقدمة النشرة سامية بن حسين، إذ قالت في منشور لها: “صحيح حليب الأبقار وغيرها من الحيوانات مضر بصحة البالغين”، إلا أنها لم تتردد في التعبير عن استغرابها من توقيت بث التقرير.
توضيح مختص
وتوضيحاً للجدل الذي أحدثه تقرير التلفزيون الرسمي، قالت الأستاذة في علوم التغذية ليلى علوان، إنّ الدراسات التي تصدر في أوروبا وبلدان أمريكا الشمالية عن استهلاك الحليب والمضار الصحية الناتجة عن ذلك، لا تنطبق على تونس؛ باعتبار أنّ المواد المستخدمة في تغذية الحيوانات في هذه البلدان مختلفة عن تلك المستخدمة في تغذية الأبقار في تونس.
وأوضحت الدكتورة ليلى علوان، في تصريح لإذاعة “موزاييك” الخاصة، أنّ المعطيات التي نجدها في دراسات عالمية لا تنطبق على تونس.
وشددت المختصة في التغذية، على أنّ الحليب المنتج في أمريكا وفي كندا وفي أوروبا مختلف عن الحليب المنتج في تونس، نظراً لاختلاف التغذية، مشيرة إلى أنه في تونس لا تتمّ إضافة الهرمونات في غذاء الأبقار المنتجة للحليب، على عكس البلدان الأوروبية وفي أمريكا الشمالية.
تعليق مقدمة النشرة
وفي تعليق على بعض الانتقادات لهذا التقرير، قالت الصحفية سامية حسين، في تصريح إذاعي، إن تثقيف الناس ومدّهم بالمعطيات الدقيقة كان إحدى مهام الإعلام بشكل عام والإعلام العمومي على وجه خاص.
وأضافت بن حسين، أنّ “إضفاء الطابع السياسي على المادة الإخبارية المقدّمة لا يخطر على بال المواطن بل إنّ ذلك قد تعمد إليه بعض الأشخاص والأطراف والتي تستغل مثل هذه الوضعيات لخدمة أنفسها أو لضرب منافسيها… نحن خارج هذا السياق تماما”.
وقالت سامية حسين، إنّ المعطى الذي تمّ تقديمه في “التقرير حول تسبب الحليب نصف الدسم لأمراض عدة معلوم منذ عشرات السنين ويؤكّده أخصائيو التغذية والأطباء، وإنّ التلفزة الوطنية لم تأت بجديد في هذا الخصوص”.
أزمة حليب في تونس
وتشهد تونس منذ أشهر أزمة حادة في توفير عدة مواد غذائية أساسية في مقدمتها مادة الحليب، إذ تشكو سوق الألبان في تونس من “نقص يومي في الإمدادات يتراوح بين 400 و500 ألف لتر، علماً بأن الاستهلاك اليومي يتراوح بين مليون و800 ألف لتر ومليوني لتر”، وفق ما أفاد به علي الكلابي، رئيس مجلس إدارة مركزية لتصنيع الحليب.
وقال الكلابي، في تصريحات صحفية سابقة، إن “مختلف مصانع الألبان تسجّل نقصاً في الإنتاج يتراوح بين 20 و30 بالمائة”.
ودعا مصنعو الألبان لحلحلة الأزمة، إلى التعجيل بـ”إقرار زيادة في سعر شراء لتر الحليب الطازج بقيمة تقارب 500 مليم للمحافظة على منظومة الألبان التي تجابه صعوبات”.
ولفت الكلابي، إلى أن “عدم زيادة سعر شراء الحليب الطازج دفع الفلاح إلى التخلي عن القطيع سواء من خلال البيع أو بيعه إلى المسالخ مما سيفضي إلى مشاكل في التزود لاحقاً”.